بقلم: و.ج.جبسون (جزء 1 بتصرف)
في العهد الجديد، أقام الله جسدًا جديدًا لا تمييز فيه بين يهود وأمم (كورنثوس 3:10؛ أفسس 11:2 - 18). تنبأ الأنبياء العبرانيون عن الخلاص الذي يمتد إلى الأمم في العالم كله، وعن رفض إسرائيل بسبب عدم إيمانهم. كانت حقيقة أن الكنيسة هي شعب الله سرًا في العهد القديم، لكن كُشف هذا السر في العهد الجديد (أفسس4:3- 5). كانت الكنيسة أمرًا في المستقبل، فيما قبل الأناجيل الأربعة والإصحاح الأول من سفر أعمال الرسل. لكنها بدأت في يوم الخمسين، العيد العبري (أعمال 2) انضم المؤمنون إلى المسيح بمعمودية الروح (أعمال 5:1؛ 1كورنتوس12:12- 13). إن الكنيسة ليست استمرارًا لشعب إسرائيل، بل هي جسد جديد. والله الآن ينادى الناس ليأتوا إلى المسيح بواسطة شهادة الكنيسة. ويضم الله إلى الكنيسة كل يوم الذين يخلصون (أعمال 47:2).
تعريف كلمة "الكنيسة":
ما هي الكنيسة؟ يرى البعض أنها المبنى الذي تُعقد فيه الاجتماعات، ويري البعض الآخر أنها الطائفة أو المنظمة الدينية، ويتم السؤال: "إلى أي كنيسة تنتمي؟"
لكن المعنى الحقيقي للكنيسة هو: جماعة المؤمنين الذين يجتمعون معا للصلاة والعبادة، لدراسة كلمة الله وممارسة الفرائض الكتابية (المعمودية والعشاء الرباني)، هذه هي الكنيسة المحلية. في الحقيقة يمكننا القول: تذهب الكنيسة إلي المبني، ولا يذهب الناس إلى الكنيسة.
إن كلمة كنيسة هي ترجمة للكلمة اليونانية "اكليسيا" التي يمكن أن تترجم بمعنى اجتماع. وتعني الكلمة: "جماعة مدعوة". والكلمة في حد ذاتها ليست قاصرة على الناحية الدينية فقط. فلقد استخدمت نفس الكلمة في العهد الجديد لتصف الأفسسيين في "المحفل" (أعمال 32:19و41)، وجاء ذكرها بالنسبة لبني إسرائيل خلال تجولهم في البرية (الكنيسة في البرية) (أعمال 35:7)، وعندما تطبق على المؤمنين بالمسيح فهي تشير إلي اجتماعهم باسم الرب (2 تسالونيكي 1:2 و 1كورنتوس4:5)، إنها نوع خاص من اجتماع شعب الله باسم الرب يسوع. هي اجتماع الشعب الحي في المسيح - الاجتماع الروحي.
نظرتان إلى الكنيسة
تُستخدم كلمة كنيسة بالمعنى العام، كما بالمعنى المحلي.
الكنيسة العامة تشمل كل المؤمنين الحقيقيين بالمسيح، سواء الأحياء أو الذين رقدوا في الرب. بدأت من يوم الخمسين وتستمر حتى الاختطاف. "...رأس كل شيء للكنيسة التي هي جسده..." (أفسس 22:1و23 ؛ أفسس 10:3و21؛ 23:5- 32 ). ويأتي التركيز أيضًا على الكنيسة كوحدة من كل المؤمنين تحت رئاسة المسيح. ليس فيها أشخاص غير مخلصين ولا يوجد مخلصون خارجها. لم تجتمع الكنيسة كلها في الوقت الحاضر في مكان وزمان واحد. يحدث هذا مستقبلاً، عندما تُختطف الكنيسة إلى المسيح (1تسالونيكي14:4- 17) يتضح من هذا، أنه ليس لكنيسة أرضية واحدة أن تأخذ الحق، وتعلن عن نفسها أنها الكنيسة الحقيقية. لا توجد كنيسة أرضية تنطبق عليها صفات الكنيسة العامة الحقيقية. نحن واحد مع جميع المؤمنين المتحدين في المسيح.
أما الكنيسة المحلية هي اجتماع المؤمنين المولودين ثانية في مجتمع واحد أي في مكان محلي واحد. كُتبت رسائل عديدة لمثل هذه الكنائس في العهد الجديد. كنيسة رومية، كورنثوس، أفسس، فيلبي، كولوسي تسالونيكي جميعها نماذج من هذه الكنائس. والرسائل إلى تيموثاوس تختص بموضوع الكنيسة المحلية وقيادتها. جاء تيطس إلى جزيرة كريت لينضم إلى بولس، لكي يعين شيوخًا في كل كنيسة محلية. وكان عمل بولس هو تأسيس كنائس جديدة، حتى لو كانت هناك معابد يهودية. ولا يتوقع العهد الجديد أن يوجد مؤمنون لا ينتمون إلى كنائس محلية. أما التعبيرات: "كنائس المسيح، كنائس الله، كنائس غلاطية، مقدونية وكنائس اليهودية"، فكلها لتحديد مكان الكنائس المحلية المجتمعة باسم الرب. ولا توجد أسماء طوائف أو كنائس بأسماء الناس. هذا أمر خاطئ وممنوع (1كورنتوس13:12).
صفات يجب توافرها في كل كنيسة محلية:
- فيها شيوخ وشمامسة، يقومون بمسئولية الرعاية الروحية الذين وضعهم الله في رعايتهم. (1كورنثوس 16:16؛ عبرانيين 17:13)
2- أن تُمارس فيها فريضة المعمودية (متى19:28و20؛ أعمال41:2و42)، والعشاء الرباني (1كورنتوس23:11-26).
- تزوِّد المؤمنين بجوّ يستطيعون فيه ممارسة المواهب الروحية للبناء المتبادل (عبرانيين25:10؛ 1كورنتوس26:14).
- تُمارِس المبدأ الكتابي في نظام القبول والعزل، وتمارس التأديب الكنسي (1 كورنثوس 5: 2 ؛ 2 كورنثوس 14: 26).
من غير المعقول، أن يظن أحد المؤمنين المحيطين علمًا بالتعليم، بعدم ضرورة قيامه بدور فعال في الكنيسة المحلية. من غير الممكن لشخص لا يشارك ويدعم، بل يهمل اجتماع شعب الله، أن يدَّعي كونه مطيعًا للرب يسوع رأس الكنيسة. الإهمال الاختياري للشركة يجعل الشخص في موضع تساؤل بخصوص شركته (1 يوحنا 19:2). الاستماع إلى برامج الإذاعة الدينية والعبادة المنزلية أمر ضروري للمرضى، المعاقين والمؤمنين المعزولين، يمكن أن تكون الإذاعة والتلفزة نافعة للكرازة ودراسة الكتاب. لكن إذا سمحنا لما يُسمى "بالكنيسة الإليكترونية"، منعنا هذا من الاشتراك في الكنيسة المحلية، ممارسة الفرائض و خضوعنا لمحاسبة روحية للقادة فيها (عبرانيين 17:13)، فنكون قد ضللنا. يجب ألا نسمح في أي وقت من الأوقات للمؤسسات المسيحية أن تصبح بديلاً للكنيسة المحلية.
ألقاب الكنيسة
العديد من الألقاب الكتابية للكنيسة، تُستعمل للاجتماع المحلي، وهي تنطبق على المؤمنين. ليس منها ما يستعمل بشكل بدعة. وتشمل هذه الألقاب:
- كنيسة الله (1 كورنثوس 32:10؛ 9:15) توضح ملكية الله لها.
- كنيسة المسيح (رومية 16:16) توضح العلاقة بين الكنيسة ومؤسسها.
- عروس المسيح (أفسس 25:5-27؛ 2كورنثوس 2:11) لإعلان علاقة المحبة وولاء الرب لخاصته.
- جسد المسيح (أفسس22:1و23) توضيح الطريقة التي بها يبعث الرب حياته بأعضائه.
- هيكل الله (1كورنتوس16:3) لتبرز إنها مسكن الروح القدس، والمؤمنون كهنة مقدسون وأحجار حية يجتمعون للعبادة كهيكل مقدس (1بطرس5:2).
- قطيع الله (يوحنا16:10) توضيح أننا رعية المسيح الراعي العظيم (عبرانيين20:13؛ 1بطرس25:2).
- بيت الله (1تي15:3) يقترح بهذه التسمية أن النظام والتأديب مناسبين على من يتوسطهم الرب.
هذه قائمة غير مستوفية ولكنها تقترح أمرين:
أولاً: أنها كلها تقول بأننا جميعنا ننتمي للرب وليس لغيره.
ثانيًا: أنها لا تفرِّق المؤمنين أحدهم عن الآخر بأي طريقة كانت. فيها يتمكن جميع المؤمنين أن ينتموا بعضهم لبعض بطريقة غير محدودة على أساس دم المسيح.
القاب الأعضاء.
عضويتنا الأساسية هي في جسد المسيح وليس في منظمة دينية. لا يوجد في الكتاب المقدس تعريف للمؤمنين، لكن توجد ألقاب تناسب كل الذين يعبدون الله بالروح والحق، مثل:
1- "مؤمنون" ( أعمال14:5) قناة الإيمان هي التي عن طريقها ندخل ملكوت الله ونستمر في الانتماء إليه في هذه الحياة.
2- "تلاميذ" ( أعمال1:9) يُستخدم لأتباع الرب المخلصين، الذين يتبعونه، ويمارسون تعاليمه في ولاء كامل.
3- "قديسون" (افسس1:1) ويعنى الذين تقدسوا بالاختصاص لله والانفصال عن النجاسة، بسبب مركزهم في المسيح.
4- "إخوة"(يعقوب 1:2) العلاقة العائلية بين أعضاء عائلة الله كأخوة وأخوات في المسيح.
5- "مسيحيون" (أعمال 26:11) ويشير إلى الانتماء إلى المسيح. وكان يستخدمه غير المؤمنين في أزمنة الكتاب المقدس يصف المؤمنين.
يُتّبع
الكنيسة النابضة