تخطي للذهاب إلى المحتوى

عن الكنيسة فى رسالة أفسس

30 يناير 2025 بواسطة
عن الكنيسة فى رسالة أفسس
اذهبوا وتلمذوا

من الملاحظ أن رسالة أفسس، في العهد الجديد، تتكلم عن الكنيسة الشاملة (العامة)، أما رسالة كورنثوس الأولى تضع التركيز على الكنيسة المحلية.

من خلال الأصحاح الأول رسالة أفسس، نرى أن الكنيسة لم تأت عرضًا أو مصادفةً في الزمان، بل كانت في فكر الله منذ الأزل البعيد. ونرى في الأعداد الأولى منه، ليس فقط بركات الله للمؤمنين كأفراد، لكن بركاته للكنيسة كوحدة واحدة من الأزل.

 "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كمَا اخْتَارَنَا (الآب) فِيهِ (في المسيح) قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّة" (أفسس1: 3و4).

 ويسير بنا إلى المستقبل المجيد في (عدد22) حين تكون الكنيسة مع المسيح في مجده وملكه الآتي 

"فَوْقَ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ وَسِيَادَةٍ، وَكُلِّ اسْمٍ يُسَمَّى لَيْسَ فِي هَذَا الدَّهْرِ فَقَطْ بَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضاً، وَأَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْساً فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ، " (أفسس 1: 21و22)، 

بعد أن صارت الكنيسة متحدة به في موته وقيامته، ويتضح حينئذٍ أنها:

 "مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ" (أفسس 1: 23).

فالمسيح يُرى في هذا الأصحاح كالإنسان المقام الممجد، الذي شارك المؤمنين في اللحم والدم (بلا خطية)، ليتسنى لهم الاتحاد به كالرأس لجسد واحد

 "وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْساً فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ" (أفسس 1: 22).

ويمكن إجمال هذه البركات كالتالي:

أولا: الاختيار الأزلي:

مشاركة الآب طبيعته القدوسة، يتسنى للكنيسة الاتحاد بابنه القدوس. فالأمر ليس فقط لنوال غفران الخطايا فحسب، لأن الأمر يتخطى موضوع الخطية. فالسقوط أمر عرضي لم يكن في قصد الله (رغم علمه السابق به قبل حدوثه)، ولكنه في نفس الوقت لم يعطل إتمام هذا الغرض أو القصد الإلهي السامي، إذ أوجد الله حلاً له بالفداء 

"الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ" (أفسس 1: 7).

ثانياً: البركة الأزلية:

"الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ" (أفسس 1: 3) 

وذلك لأن الكنيسة متحدة بالابن الحبيب، الذي هو مستودع بركات الآب كلها، من الأزل إلى الأبد.

ثالثاً: المجد الأبدي:

إن الكنيسة هي شريكة المسيح في مجده الاكتسابي، بعد قيامته من الأموات

 "لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ... وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ فَهَؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضاً" (رومية 8: 29و30). "وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ" (يوحنا 17: 22).

 لقد كانت مسرة الآب أن يأتي 

"بأبناء كثيرين إلى المجد" (عبرانيين 2: 10)، 

ليس فقط غفران الخطايا، التبرير، والخلاص من دينونة الخطية، بما يتفق وعظمة وسمو شخصه وغناه، وليس مع احتياجات الخطاة فقط.

رابعاً: الافتخار الأبدي:

نعم، ستكون الكنيسة موضوع افتخار الله، بما صنع مع خلائق ضعيفة، طوال الأبدية.

 "لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ". (أفسس 2: 7)

حينئذ يتضح بكل جلاء

 "سِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ" (أفسس 1: 9).

 وينكشف علنًا، أن تدبير الكنيسة، هو أروع فرصة، ليُظهِر الله من خلالها، سمو نعمته، وغنى محبته، وعظمة حكمته، بطريقة تسمو عن الإدراك البشري والملائكي أيضًا. إنها حقًا الأمور: 

"الَّتِي تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا" (1 بطرس 1: 12).

 يا لها من امتيازات فائقة، أسمى من إدراكنا المحدود!

بالإضافة إلى ما سبق، يلزمنا أن نضيف نقطتان في غاية الروعة والأهمية، هما:

أولا: الكنيسة درس للملائكة:

"لِكَيْ يُعَرَّفَ الآنَ عِنْدَ الرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ بِوَاسِطَةِ الْكَنِيسَةِ بِحِكْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ" (أفسس 3: 10).

وذلك من خلال جانبين هما:

  1. اختيار بشر خطاة ساقطين، وتم تبريرهم، وتمجيدهم، بما يبرز غنى نعمة الله بصورة فائقة.
  2. تحويل مشهد الخطية واللعنة، إلى مشهد يُمجِّد الله، بصورة أسمى كثيرًا، مما لو لم توجد الخطية أصلاً ! وهذا أظهر سمو حكمة الله وقدرته. حقًا: 
"يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الِاسْتِقْصَاءِ!" (رومية 11: 33).

ثانياً: الكنيسة هبة (عطية) الله:

تَظهر غلاوة الكنيسة في كونها عطية (هدية) من الآب إلى الابن الحبيب، كمكافأة له على طاعته كالإنسان الكامل.

 «كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي» (يوحنا 17: 6)، «هَا أَنَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمِ اللهُ» (عبرانيين 2: 13).

 الكنيسة، هي هدية محبة من الآب قبلها الابن بفرح و سرور وامتنان، يا للعجب!!





عن الكنيسة فى رسالة أفسس
اذهبوا وتلمذوا 30 يناير 2025