الأنانية أو التركيز على الذات، هي لُب المشكلة عند الجنس البشري، من الطفولة وحتى النضوج الكامل. ومن الظاهر أنها من لُب الخطية. إنها تُعكِّر الشركة مع الله. وتهدم كل علاقة مع الآخرين. في الزواج هي مثل السم. علينا محاربة هذه الظاهرة كل يوم في أولادنا في البيت.يُقال أن الكلمة الثانية التي يتعلمها الطفل بعد كلمة "لا" تكون "لي". وأول جملة يتعلمونها تكون "هذا لي". فالمشاركة شيء يجب أن نتعلمه، فهي لا تتواجد في الشخص ذاتيًا. عندما يرى الأطفال هذه الظاهرة في والديهم، فلا شيء يساعدهم في التغلب عليها. إذا لم نصمم التعامل مع هذا الوحش، بواسطة تدبير الله الضروري، فستستمر في زعزعة الوفاق الزوجي.
إن التفكير المتمركز في الذات يُنتج الاحتكاك ثم التصادم العلني. ربما ندعوه نقص في الاهتمام، التفكير والحساسية بالغير. وهذا وصف لطيف لمعضلة الحياة الذاتية. فكلمات مثل "أنا أحب"، "أنا أفكر" أو "أنا أشعر"، شائعة وسط الناس. نادرًا ما يكون العكس، وتجد مَن يسأل، ماذا يريد الشخص الآخر، أو ماذا يفتكر أو يشعر. أن ما يهم الشخص المتمركز في ذاته هو كيف يؤثر الأمر "عليّ أنا". لكن كيف يرى الرب الأمور؟ كيف يؤثر هذا على أولادنا؟ هل يَهُم بما فيه الكفاية أن أتدرّب على ضبط النفس، أو أن أضع اهتماماتي في الدرجة الثانية؟
لقد تعامل الرب يسوع مع موقف "أنا أولاً"، من خلال خدمته على الأرض. لقد كان الخلاف واضحًا بين التلاميذ الذين تحاوروا فيما بينهم عن مَن سيكون الأعظم في الملكوت القادم (مرقس33:9-34). لقد وبّخهم، وعلّمهم أن مَن أراد أن يكون عظيمًا، يجب أن يتعلم أولاً أن يكون خادمًا للكل، ويأخذ المكان الأخير. لقد علمنا الرب أن إرضاء الله يجب أن يأتي أولاً في حياتنا. وبعد ذلك يأتي محبة وخدمة الآخرين. لقد كان هو القدوة لنا بأن أتى ليتألم ويموت لأجل الآخرين. لم يأتي ليُخدَم بل ليَخدِم (متى28:20). لقد قال،
"إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني" (متى24:16).
نقرأ في فيلبي 3:2-4 "لا شَيْئاً بِتَحَزُبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. لا تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا."
لا نجد أي من هذه الأفكار الكتابية، في توصيات العلمانية المعاصرة بما يختص بالتعامل مع مشاكل الزواج. بدل هذه نسمعهم يقولون: طالب "بحقوقك"، قف لذاتك أو أكِّد على ذاتك. والعلاج العام يكون "لا تقبل هذا لنفسك". لا عجب أنه مع هذا النوع من المشورة، يوجد اليوم نسبة كبيرة للطلاق في العالم، مع عائلات تتفكك في كل ناحية، لا يريد الناس التعامل مع أنفسهم، بل يريدون التخلص من الظروف بأي وسيلة.
كيف يستطيع أي منّا التعامل بنجاح مع الأنانية في الزواج؟
الأمر ليس سهلاً. بلا شك أننا سنفشل في عمل ذلك بقدرتنا البشرية. للتغلب على هذه النزعة الخاطئة في طبيعتنا، نحتاج لقوة فوق طبيعية. تأتي الأنانية بطريقة طبيعية. ربما بالتدريب تتضاءل هذه النزعة مع مرور الوقت لتصبح طريقة تعبير مقبولة. لكن جذورها تبقى. إن أول خطوة للتغلب عليها هي بأن تولد ثانية، ويسكن الروح القدس في داخلك، لكي يعطيك القوة ويجددك. إذ وجود قوة من فوق تسكن في الداخل، تستطيع التعامل مع هذه النزعة. وهذا وحده لا يكفي أيضًا، إلا إذا سلمنا أنفسنا كمؤمنين لقيادة الروح، وإلا سنتعثّر بها ثانية.
تفكّر بانتباه لبعض نقاط الإرشاد التالية لبرنامج مقاومة الأنانية في زواجك.
- التزم يوميًا لتعيش وتتكلم وتتعامل مع شريكك تحت سيادة المسيح. قرر أن تَدَع يسوع ليرشدك، وليس عواطفك.
- قم يوميًا بمحاسبة شجاعة لتعاملاتك وكلامك، ربما قبل اللجوء للراحة في الليل. إنه أفضل وقت لمراجعة أحداث اليوم والقيام بالاعتراف. هل كنت أنانيًا وعديم الإحساس مع شريكك في أي مرحلة؟ تواضع واعترف، لله أولاً، ثم لشريك زواجك. إن الإقرار بصدق، وبدون أعذار أنك "كنت مخطئًا" عنصرًا مساعدًا.
- رتّب جلسة مراجعة مع رفيقك لفترات متقاربة، (في البداية مرة كل أسبوع) واطلبا أحدكما من الآخر الإشارة لما كان فيه أنانية، عدم إحساس، لا تتجادل عندما تسمع ما لا يروق لك. لا تعطي الأعذار أو تُظهِر الاشمئزاز. فقط أصغ وفكِّر بما تسمعه. لا تقول، "لا يوجد أحد كامل أنا إنسان".بالتحديد، متى وضعت نفسك في مأزق حرج من أجل خدمة مصلحة الشخص الآخر؟ اعمل لائحة بالأعمال الإيجابية التي قصدت القيام بها بروح التضحية تجاه والديك. جيد الابتعاد عن الأعمال السلبية، لكن المحاولة المستمرة لتكون لطيفًا ومفكرًا بالغير شيء أفضل. هل تحاول الاهتمام باحتياجات والديك، أو إنك مشغول بالاهتمام باحتياجاتك الشخصية؟
- بالتحديد، متى وضعت نفسك في مأزق حرج من أجل خدمة مصلحة الشخص الآخر؟ اعمل لائحة بالأعمال الإيجابية التي قصدت القيام بها بروح التضحية تجاه والديك. جيد الابتعاد عن الأعمال السلبية، لكن المحاولة المستمرة لتكون لطيفًا ومفكرًا بالغير شيء أفضل. هل تحاول الاهتمام باحتياجات والديك، أو إنك مشغول بالاهتمام باحتياجاتك الشخصية؟
- هل تلاحظ نفسك باستمرار (أو أحيانًا) أنك تُلحّ مصممًا على طريقك؟ (اسأل والديك).
- هل تسمح بوقت للإصغاء أحدكما للآخر باستمرار؟ ربما تكون مشغولاً جدًا، أو شاعرًا بالملل من أن تقوم بمحاولة ذلك. "لا يصغي إلي أبداً" جملة دارجة تُسمع كثيرًا في العائلات.
- هل للعلاقة الحسنة مع شريك حياتك أولوية قصوى في تفكيرك؟ ربما العيش مع ذلك الشخص أمر صعب للغاية أحيانًا، أو أنه يستنفذ كل صبرك. إذا كان الأمر كذلك، توقف للحظة، وفكّر للحظة كَم كان الرب يسوع صبورًا معك.
والآن وبعد أن فكَّرت جيدًا بهذه القضايا والتساؤلات، تكلّم بها واحدة واحدة مع شريكك. كن مراعيًا لشعور الشخص الآخر. كن مصغيًا جيدًا. ثم اكتب ما تعلمته من إحدى هذه الجلسات بخصوص الأسئلة التي تناقش هذه القضايا.
يُتبع
التغلب على الأنانية في العلاقة الزوجية