تخطي للذهاب إلى المحتوى

الله فى العهد القديم والجديد

30 يناير 2025 بواسطة
الله فى العهد القديم والجديد
اذهبوا وتلمذوا

ثمّة أسئلة منتشرة، حول ماهية الله في العهدين، القديم والجديد، وطرق تعامل الله مع البشر.

فهناك من يعتقد أن إله العهد القديم، اختلف عن إله العهد الجديد، في صفاته، وأسمائه. وهناك من يعتقد أنه هو هو لم يتغير في الصفات والأسماء. ويسأل البعض: كيف نفسر الحروب التي أمر بها الله في العهد القديم، وإبادة شعوب، وسفك الدماء، وهذا ما لا نراه مطلقًا في العهد الجديد.

لدراسة هذا الموضوع يمكننا أن نلخصه من خلال ما يلي:

أولاً: الحروب في الكتاب المقدس:

إجمالاً يمكن تلخيصها في ثلاثة أنواع كالتالي: 

حروب لم يأمر بها الرب. بل ناتجة من فساد الإنسان و شره (قضاة 10:21).

نصوص تتحدث عن الحروب و السيف، يُساء فهمها خاصة نصوص عهد جديد .

حروب بأمر من الرب لإبادة شعوب محددة بعينها، في زمن محدد، لسبب محدد، وهذا النوع هو ما نتكلم فيه بشيء من التفصيل، من خلال هذا المقال للتوضيح.

قال أحد المعارضين للكتاب المقدس إن كلمة "السيف" جاءت بالكتاب المقدس - الذي تقولون عنه إنه كتاب محبة و تسامح- مرات كثيرة جدًا. لكن للتوضيح نقول: أن هناك بعض الآيات التي يساء فهمها، فيبدو الأمر في ظاهره كذلك. من هذه الآيات التي يُساء فهمها مثلاً :

(لأن كلمة الله حية و فعالة و أمضى من كل سيف ذي حدين ... عب 12:4)
(وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله .  أف 17:6).

فمن الواضح هنا أن كلمة "سيف" في الآيتين السابقتين تعني: "كلمة الله" وليس السيف الحرفي.

ثانيًا: الله هو الديان، وتتنوع أحكامه في كل زمان.

الكتاب المقدس يؤكد على حقيقة أن الله إله عادل، و أنه أيضًا إله ديان. وحده له حق الدينونة والحكم (تكوين 25:18 ، جامعة 9:11 و 10 ؛ 13:12 و14). وهو تعالى له حق الدينونة بما يتفق مع صلاحه وعدله، ليحقق من خلال هذا التنوع منفعة ما. فمن ضمن هذا التنوع في العقوبات ما جاء في (2 بطرس 4:2-6) حيث الحديث عن ثلاثة دينونات متنوعة. من خلالها نتعجب عندما يقبل الناس بقضاء الله بطوفان الماء على العالم الشرير أيام نوح، و قد كان هذا العالم يحوي كبار و صغار و بهائم، و أيام لوط قضى الله على شرور مدينتي سدوم وعمورة بالنار، و قد كان أيضًا بالمدينة كبار و صغار و بهائم. فيرى الناس أن ذلك حق، لا قسوة فيه، للحكم على الشر وعقابه. فلماذا إذًا انزعجنا عندما أراد الله أن يقضي على شعب بالسيف بواسطة شعب آخر (حز 21:14) نتيجة لاكتمال ذنب هؤلاء الناس (تكوين 15: 16)، فاستحق هذا العقاب من الله، وكان بوسيلة جديدة.

ثالثًا: لماذا الأمر بإبادة سكان كنعان؟

لقد وضع الله قوانين أخلاقية، وقد كُسرت هذه القوانين، فمن حق الله إذًا، أن يعاقب هذه الشعوب، بالطريقة التي يراها- في علمه الكامل وعدله- مناسبة. إن حجم هذه الشرور، من حيث الكم و النوع والمدة، اقتضى هذا العقاب. نسرد هنا بعض من هذه الشرور:

عبادة الآلهة الوثنية على الجبال الشامخة، وعلى التلال، وتحت كل شجرة خضراء (تثنية 1:12-3). من خلال هذا النص الكتابي، نفهم أن الله أراد أن البشر (بني إسرائيل) يوقعون القصاص بأيديهم، على تلك الأمم الوثنية، لكي يروا بأعينهم بشاعة الخطية، ورهبة القضاء الإلهي. ومن المهم أن نذكر هنا أنه عندما صنع بنو  إسرائيل نفس هذه الخطايا، تمت معاقبتهم وطردهم من تلك الأراضي، و سبيهم إلى بابل.   

أرض كنعان سنة1500ق.م  ماذا كان فيها ؟ مذبحًا على كل جبل وتل و تحت كل شجرة خضراء إله وثني، و من التاريخ نفهم ماذا كان يحدث حول المذابح من الكاهنات اللاتي ينذرن الزنى للإله، وقد كانت الأطفال هي الذبائح التي تُقدم تحت كل شجرة خضراء. فهذه هي أرض الله و هذا هو ما حدث فيها بعد أن سكنتها هذه الشعوب مئات السنين.

لقد تأنى الله كثيرًا على هذه الشعوب، لجعل باب التوبة والرجوع متاحًا، لكن الأمر كان يزداد سوءًا، والبشر في شر متكاثر. لقد تكلم الله مع إبراهيم قديمًا، بخصوص هذا الأمر في (تكوين 15: 13-16)، وأعطاه وعدًا في أنه مزمع أن يطرد هذه الشعوب من هذه الأرض، لشرهم، ويعطيها لنسله، في التوقيت المعين.

رابعًا: دينونة الله لإسرائيل خير بيان.

وقع شعب إسرائيل في مصيبة كُبرى ألا وهي عبادة الآلهة الأُخرى للأراضي التي امتلكوها فوقع عليهم نفس القضاء ( تث 19:8-20 )، فالجميع أمام عدل الله وبره، سواسية.

خامسًا: ماذا عن موت الأطفال؟ أين الله الحنان؟

الأولاد كانوا يكتسبون الشرور من أبائهم، و يسلكون ذات طريق آبائهم في القساوة. فخسروا حياتهم، و لكن البُشرى الهامة في هذا الموضوع، أن الأولاد خسروا الأرض لكن كسبوا حياتهم في السماء، و ذلك طبقًا لكلام الرب نفسه في الشواهد الآتية ( متى 10:18 ؛ 14:19 ). لكن تُرى ماذا لو لم يموتوا الأطفال بقضاء؟ في الطبيعي حينما يكبرون يرتكبون نفس الشرور و أكثر. و في هذه الحالة لا ينالون أرض و لا سماء.

سادسًا: هل كانت هذه الحروب فتوحات دينية، أم قضاء محدد من الله لشر الإنسان؟

دخول إسرائيل لأرض كنعان، لم يكن إطلاقًا، فتح، لسبب منطقي جدًا، وهو عدم وجود أي نص ديني يُحرِّض على نشر الدين اليهودي، فاليهودي ممنوع عليه أن ينشر دينه. عندما كان يريد أحد أن يدخل اليهودية، كان عليه أن يترجاهم، و هم يعتبرون هذا إحسان منهم عليه. و كان يُسمى طول حياته (دخيل)،  لم يُعلّم اليهود إطلاقًا ديانتهم للناس، و ذلك لاعتقادهم انهم شعب مُميز جدًا. و لم تكن على الإطلاق حروب استعمارية، شعوب قوية تقتل شعوب ضعيفة (تثنية 2: 4، 6، 9، 17، 18، 19).

سابعًا: تعليق على بعض آيات العهد الجديد.

"لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض. ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً" (متى34:10).

يعتقد البعض خطأ هنا، أن المسيح يُحرّض على العنف. لكن التفسير المستقيم يقول: لم تكن الانقسامات هدف المسيح. لكنها كانت النتيجة الواقعية التي أعقبت ظهوره بين البشر. و السيف المقصود هنا هو سيف الإضطهاد من أعداء المسيح لتلاميذه.

"أما أعدائي، أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم، فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي" (لوقا 27:19 ).

بالرجوع للقرينة المباشرة في عدد 11، من ذات الأصحاح مكتوب عن المسيح (عاد فقال مثلاً )، و باختصار يتكلم المسيح من خلال هذا المثل عن مجيئه الثاني، و ما سيكون في يوم الدينونة.

فقال لهم: "لكن الآن، من له كيس فليأخذه ومزود كذلك . ومن ليس له فليبع ثوبه و يشتر سيفًا... فقالوا: "يا رب، هوذا هنا سيفان". فقال لهم: "يكفي!" (لوقا36:22-38).

لم يقصد المسيح مطلقًا السيف بمعناه الحرفي، بدليل بعد هذا القول بساعات أتوا ليقبضوا عليه، و فعل بطرس فعلته الحمقاء مع عبد رئيس الكهنة، فقد قصد الرب بالسيف، معناه الروحي، الذي هو الجهاد الروحي، ولم يفهم التلاميذ كلامه، فأجابهم الرب "هذا يكفي"، واضعًا حدًا للمناقشة حول هذا الموضوع، ولو كان الرب يسوع يقصد السيف الحرفي، لكان قد قال: "هذان يكفيان". لقد تحدث بولس عن هذا السيف (سيف الروح) في رسالة أفسس اصحاح 6، حينما تحدث عن سلاح الله الكامل، لمواجهة مكايد إبليس، وهنا بالطبع المقصود بالجهاد الروحي، وليس الحرفي.

 فانتهره الرب قائلاً :

 "رد سيفك إلى غمده " (يوحنا 10:18 ، متى 51:26) ،

في النهاية نقول:

 أن الله هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد (عبرانيين 13: 8).


الله فى العهد القديم والجديد
اذهبوا وتلمذوا 30 يناير 2025
علامات التصنيف