"ولَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ" (غلاطية 4:4)
لما جاء ابن الله كمُرسَل مِن السماء، اختار من كل أنواع الحياة أقساها، لقد أخلى نفسه طوعًا، من كل المجد والامتيازات والامكانات. فمِن حيث العائلة - حسب الجسد - والمنتسب إليها في عيون الناس،
فهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ (النجار) (لوقا 3: 23).
أما عن البقعة الجغرافية، التي وُلِد فيها، فاختار بيت لحم أفراته الصغرى (ميخا 5: 2) والتي لم تعد كذلك بعد خروجه منها كالراعي والمُدبر لشعبه. وبحسب ما جاء في الأناجيل، وُلِد في مذود (لوقا 2: 7)، وفي أثناء شبابه، لم يكن له أين يسند رأسه.
أما عن الانجازات والانتماءات كإنسان، في وقت الانشغال وتواجد الجماهير، وفي وقت الصمت والاختلاء، وفي وقت الاستخدام والشفاءات، كان الشعار دائمًا: "ينبغي أن أكون فيما لأبي". فالولاء والطاعة بكل القلب للآب السماوي الذي أرسله، مع كل الاحترام والتقدير للعائلة الأرضية. الخدمة بكل القلب لكل محتاج، لكن تبقى التوجهات والمشيئة حصرية للآب السماوي، لا أهواء الجماهير، ولا استحسان المُحبّين.
وفي نهاية الرحلة الأرضية، كانت المكافئة المفاجئة، رد الجميل من خاصته، الذين من أجلهم جاء.
هتفوا صارخين: "أصلبه أصلبه، دمه علينا وعلى أولادنا"(متى 27: 25).
وهم كسائر البشر، لا يعلمون ماذا يفعلون، فطلب لهم كما لنا المغفرة. (لوقا 23: 34).
لكن، قبل هذا الأمر، اجتمع بتلاميذه، وأعطاهم وصية، لحين مجيئه الثاني،
قائلاً : "كما أرسلني الآب أرسلكم انا" (يوحنا 20: 21).
أرسلكم أنا، لحياة كونوا فيها مستعدين للإخلاء الاختياري عن امكانات، مقومات مزعومة للراحة، فراحتكم الحقيقية في مسيرنا سويًا. فيها سيروا كما سلكت من قبلكم بكل الولاء والانصات لمشيئة أبي وأبيكم، مع كل الاحترام والتقدير للعائلة، للقادة، لدفء الجسد.
كل الخدمة، بكل القلب، للمحتاجين من حولكم. لكن احتفظوا باذانكم مختونة، لتبقى القيادة حصرية لمَن يحفظ خطواتكم.
ومن أرسلكم يرافقككم، في عالم فيه رد الجميل ليس جميلاً، وعلى كل من يريد أن يعيش بالتقوى فيه، يتسلح بنية الآلم، لكن ثقوا أن قد غلبت العالم (يوحنا 16: 33)، وها أنا معكم – في كل هذه – إلى إنقضاء الدهر. (متى 28: 20)
المُرسَل من السماء، ومن أرسلكم أيضًا إلى العالم، يسوع المسيح ابن الله.
يسوع المسيح، ابن الله المُرسَل من السماء.