تخطي للذهاب إلى المحتوى

نظرة على الإنسان من خلال رسالة رومية

10 مارس 2025 بواسطة
نظرة على الإنسان من خلال رسالة رومية
اذهبوا وتلمذوا

نظرتان مختلفتان، يقدمهما بولس الرسول - بوحي الروح القدس - عن البشر.

يمكن القول، أن النظرة الأولى تشمل جميع البشر.

 ويمكن أن نجدها في بعض الآيات، في الأصحاحات الثلاث الأولى من رسالة رومية، كالتالي:

«مَمْلُوئِينَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَزِنًا وَشَرّ وَطَمَعٍ وَخُبْثٍ، مَشْحُونِينَ حَسَدًا وَقَتْلاً وَخِصَامًا وَمَكْرًا وَسُوءًا، نَمَّامِينَ مُفْتَرِينَ، مُبْغِضِينَ ِللهِ، ثَالِبِينَ مُتَعَظِّمِينَ مُدَّعِينَ، مُبْتَدِعِينَ شُرُورًا، غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْوَالِدَيْنِ، بِلاَ فَهْمٍ وَلاَ عَهْدٍ وَلاَ حُنُوٍّ وَلاَ رِضىً وَلاَ رَحْمَةٍ». (رومية ١: ٢٩-٣١)

هذه الكلمات قيلت عن الوثنيين، لكن بولس استمر يتكلم أيضًا عن المتدينين، في الأصحاح الثاني، ووصفهم كالتالي:

 «هُوَذَا أَنْتَ تُسَمَّى يَهُودِيًّا، وَتَتَّكِلُ عَلَى النَّامُوسِ، وَتَفْتَخِرُ بِاللهِ،  وَتَعْرِفُ مَشِيئَتَهُ، وَتُمَيِّزُ الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ، مُتَعَلِّمًا مِنَ النَّامُوسِ.  وَتَثِقُ أَنَّكَ قَائِدٌ لِلْعُمْيَانِ، وَنُورٌ لِلَّذِينَ فِي الظُّلْمَةِ، وَمُهَذِّبٌ لِلأَغْبِيَاءِ، وَمُعَلِّمٌ لِلأَطْفَالِ، وَلَكَ صُورَةُ الْعِلْمِ وَالْحَقِّ فِي النَّامُوسِ. فَأَنْتَ إِذًا الَّذِي تُعَلِّمُ غَيْرَكَ، أَلَسْتَ تُعَلِّمُ نَفْسَكَ؟ الَّذِي تَكْرِزُ: أَنْ لاَ يُسْرَقَ، أَتَسْرِقُ؟ الَّذِي تَقُولُ: أَنْ لاَ يُزْنَى، أَتَزْنِي؟ الَّذِي تَسْتَكْرِهُ الأَوْثَانَ، أَتَسْرِقُ الْهَيَاكِلَ؟لَّذِي تَفْتَخِرُ بِالنَّامُوسِ، أَبِتَعَدِّي النَّامُوسِ تُهِينُ اللهَ؟  لأَنَّ اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ». (رومية ٢: ١٧-٢٤).

ثم تكلم عن جميع البشر في الأصحاح الثالث، كالتالي:

«كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ. وَفَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَمَرَارَةً. أَرْجُلُهُمْ سَرِيعَةٌ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ. فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسُحْقٌ.  لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ»، إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ» (رومية ٣: ١٠-١٦، ١٨، ٢٣)

يا لها من أوصاف صعبة !!

قارئي العزيز، ربما قرأت هذه الآيات من قبل، كما أن الكثير من الأشخاص يعرفون التعليم اللاهوتي الخاص برسالة رومية، والخاص بالتبرير والتقديس. لكنني أسألك عزيزي: هل شعرت مرة، أن هذه الصفات كانت تلازمك؟ إذا، لماذا غضبت يومًا ما، لكون أحدهم وصفك بإحدى الصفات السابقة، كونك ماكر أو طمّاع، مثلاً؟

لنذهب إلى بولس نفسه، كاتب هذه الكلمات، بوحي الروح القدس، والذي أيقن بأن كل هذه الصفات الصعبة لازمته في حياته، لدرجة أنه قال في الأصحاح السابع من الرسالة:

 «فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صالح» (رومية ٧: ١٨)

هناك مَن يشعر بهذه الصفات، ولكن ما يُدهَش له، أنه يُظهِر نفسه في حضور الآخرين، كأنه بلا عيب. وفي الحال تخرج أفكار ومشاعر التفوق، ويمكن أن يلحقها الأقوال أيضًا. ويحضرنا هنا مَثَل الفريسي وجابي الضرائب (لوقا ١٨ : ٩ – ١٤).

أما النظرة، أو الصورة الآخرى العجيبة، والتي يمكن ملاحظتها: 

هي عن بعض البشر، ليس الكل، وكيف حوَّلت نعمة الله، والخلاص الإلهي، هؤلاء الأشخاص من «بشر فاسدين»، إلى «مشابهين صورة المسيح» وهذا نجده في الأصحاح الثامن.

 «لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ». (رومية ٨: ٢٩)

كما يصفهم مرة أخرى بالكلمات:

 «وَأَنَا نَفْسِي أَيْضًا مُتَيَقِّنٌ مِنْ جِهَتِكُمْ، يَا إِخْوَتِي، أَنَّكُمْ أَنْتُمْ مَشْحُونُونَ صَلاَحًا، وَمَمْلُوؤُونَ كُلَّ عِلْمٍ، قَادِرُونَ أَنْ يُنْذِرَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا». (رومية ١٥: ١٤)

والملاحظ تكرار كلمة مملؤون !!. هذا ملخص لما يفعله الإنجيل في حياة الناس. إنه ينقلهم من الفساد والموت، إلى الحياة الجديدة.

وتجدر الملاحظة، أن التحول الذي ذكره بولس في حياة الناس هنا، كونهم مشابهين للمسيح، أو كونهم مشحونون بالصلاح، جاء في صيغة «الجمع»، وفي وجود كنيسة محلية أيضًا.

إن الكنيسة المحلية، هي النموذج الذي يُظهِر الله فيه، عجائب نعمته، في تغيير الناس وإكتمالهم معًا.

إن المسيح وحده، فيه كل الصلاح والبر، وأن جسده، أي كنيسته مجتمعة معًا، تُمثله، وتعبرعنه.

والأصحاح الثاني عشر من الرسالة، يعطي الوصايا التي يريد الله أن يراها في كنيسته، لتعبر حقيقةً عن شخص المسيح. الكنيسة التي يجب أن نتعلم عنها، ونساعد في خدمتها وامتدادها، عالمين في أنفسنا أننا كائنات، تحولت من الملئ بالفساد، إلى الملئ بالصلاح. ليحفظنا الله متضعين، ولنسمح لروح الله أن يعمل فينا، وفي الكنيسة المحلية. ولنا أن نفتخر بنعمة الله، ونصلي ليستخدمنا الله أكثر، في مساعدة الآخرين في التعرف عليه، والانضمام لجسده. 

آمين،،،

 

نظرة على الإنسان من خلال رسالة رومية
اذهبوا وتلمذوا 10 مارس 2025